تعرف الظواهر الاجتماعية في علم الاجتماع بأنها مجموعة من النظم والقيم الاجتماعية والقواعد والعادات والتقاليد والاتجاهات بشكل عام التي يقوم باتباعها وممارستها الأفراد في المجتمع الواحد، وتعتبر الظواهر الاجتماعية نوعاً من أنواع السلوك المجتمعي تجاه أمر أو قضية ما، حيث يصبح هذا السلوك سائداً كالعرف، ومنها ما يترك أثراً إيجابياً كإكرام الضيف، وعيادة المريض، ومساعدة المحتاج، ومنها ما يترك أثراً سلبياً كالتدخين والسرقة والتسول، ويهتم علماء الاجتماع بدراسة هذه الظواهر لتعزيز الإيجابي منها ومعالجة وتقويم السلبي.
ومما يميز الظواهر الاجتماعية أنها بالغة التعقيد، وتتدخل فيها الكثير من العوامل والمتغيرات ولا يمكن دراسة ظاهرة معينة إلا بدراسة وتحليل عميقين للعديد من الأسباب، فعلى سبيل المثال لا يمكن دراسة مسببات الجريمة من منظور واحد فقط فلها أبعاد سياسية واقتصادية ودينية ونفسية وغيرها ينبغي وضعها جميعها تحت المجهر.
هذا التداخل والتعقيد نشأ بسبب التطور العلمي الكبير الذي يشهده العالم في كافة المجالات والذي أدى إلى حدوث نقلة نوعية في كيفية التعامل مع هذه الظاهرات الاجتماعية، فلم يعد الوطن ينشد الأمن العسكري فقط، بل أصبح يبحث عن الأمن الاجتماعي والاقتصادي والنفسي، وأخيراً مع التطور البالغ للتكنولوجيا أصبح الأمن الرقمي مطلباً هاماً أيضاً، كما لا يقتصر التعامل مع الظواهر السلبية على العقاب فقط بل أصبح الموقف الإصلاحي ضرورة بالغة وهذا ينبغي أن يستند على حقائق علمية وتشخيص من قبل المختصين من المرشدين النفسيين والأخصائيين الاجتماعيين. علاوة على ذلك فإن تشخيص السلوكيات المنحرفة يستهدف فهم خلفياتها ومسبباتها والدوافع النفسية والاجتماعية التي أدت إليها.
إن الظواهر الاجتماعية المخلة بأمن البلاد تستدعي الردع والعقاب والقمع من قبل المسؤولين عن الأمن العام لئلا تهدد استقرار الوطن وأمنه، ولكن حينما ينظر إليها كسلوك يمكن إصلاحه يبرز دور المؤسسات الإصلاحية والمختصين كالمرشدين النفسيين والأخصائيين الاجتماعيين، والجدير بالملاحظة أن تحليل السلوكيات السلبية ومعالجتها لا يمكن أن يتم من غير تحليل عميق للبيئة التي نشأ فيها صاحب السلوك وهذا يؤكد على أهمية دور الأسرة كمؤسسة اجتماعية ونفسية صاحبة دور أول ورئيس في التنشئة الاجتماعية و تشكيل سلوك الأبناء في مختلف مراحل حياتهم وبالتالي في بروز بعض الظواهر الاجتماعية في المجتمع.
وعلى سبيل المثال تزايدت ظاهرة العنف في المجتمعات مؤخراً بين مختلف الفئات العمرية، وتشير الدراسات إلى ارتباط العنف الأسري وممارسة العنف في المجتمع، إذ أن العنف الأسري الذي يمارسه الآباء تجاه أبنائهم ينطوي على العديد من العواقب والآثار التي تأخذ أشكالاً عديدة صحية وجسدية ونفسية قد تمتد آثارها إلى بقية حياة الفرد، وقد تكون ردود أفعال سلبية تنعكس على البيئة والأفراد المحيطين مثل ممارسة العنف على الآخرين والسرقة والجرائم بمختلف أنواعها والخروج على الأنظمة والقوانين.
في الواقع يحتاج الفرد لأسرته ليس لتأمين احتياجاته الفسيولوجية فقط كالمأكل والملبس والمسكن، ولكن أيضاً لتأمين الحاجات النفسية والاجتماعية والثقافية من خلال التواصل الإنساني الفعال مع أفراد الأسرة المبني على الاحترام والمحبة والوئام لا من خلال التعامل القائم على الشتم والتحقير والضرب والإهمال والعزلة الذي يفقد الأسرة أهميتها ويجعلها مصدراً للعديد من المشاكل التي يتعرض لها المراهقون والشباب، كما قد يجعل الأسرة أكثر خطورة على الأفراد من أي مكان آخر، وهذا لا يرجوه أحد.